Powered By Blogger

الخميس، 2 سبتمبر 2010

لبنانيون غافلون عن بركان يغلي من حولهم !!

Bookmark and Share

لبنانيون غافلون عن بركان يغلي من حولهم!!













ابراهيم الأمين

في ظل الانشغال اللبناني باللعبة الداخلية على مختلف أبعادها وتفاصيلها، تتجه المنطقة صوب مرحلة صعبة ومعقدة بعنوانين: واحد يتعلق بالعراق، والآخر يتصل بفلسطين. ومع الأسف، فإن نسبة اللبنانيين المهتمين بالأمر في عنوانيه، تبدو أقل بكثير مما يحسب المرء، علماً بأن مواقف وخطوات تتخذ لبنانياً، هي في صلبها متصلة بمجريات إقليمية، وتعكس حقيقة الانقسام الكبير الذي يسود المنطقة والعالم إزاء ملفَّي فلسطين والعراق. من هذه المواقف ما يتصل بالاستمرار في التآمر على المقاومة في لبنان وفلسطين، ومحاولة عزلها سياسياً واقتصادياً وشعبياً، وحتى توريطها في أمور لتخسر شرعيتها الأخلاقية والشعبية، وهو الأمر القائم ضد حركة حماس وفصائل المقاومة في فلسطين، منذ محاولة الانقلاب الفاشلة على الانتخابات النيابية في فلسطين، وكذلك الذي يعمل عليه ضد حزب الله في لبنان من خلال ملف المحكمة الدولية ودور الأمم المتحدة في منطقة جنوبيّ نهر الليطاني.
في الملف العراقي، لم يصل العراقيون ولا القوى الإقليمية والدولية النافذة إلى تسوية بشأن الحكومة والإدارة السياسية للبلاد. وثمة تباين كبير يشي بمخاطر انقسام طائفي ومذهبي من شأنه تدمير الهوية العربية لهذا البلد وإنهاكه، وبالتالي إنهاك محيطه القريب والبعيد. وفي ظل غياب الاستقلالية الحقيقية للقوى العراقية التي يصعب تفاهمها على تركيبة حكومية من نوع جامع، فإن المناقشات الجارية منذ الانتخابات التشريعية الأخيرة، تأخذ في الاعتبار الأول المصالح الضيقة للقوى والجماعات، وعلى أساس طائفي ومناطقي بصورة أبشع من الذي يشهده لبنان، وسط تنافر حاد يوحي باستعداد البيئة العراقية الداخلية وفي الخارج القريب والبعيد للذهاب نحو مواجهة من شأنها تدمير ما بقي من هذا البلد، الذي جعلته أحداث العقدين الأخيرين، وخصوصاً العدوان الأميركي، إلى بلد منكوب بأكثر مما أصاب فلسطين.
نكبة العراق تضاهي نكبة فلسطين والحرب المذهبية لن تُبقي شيئاً
والمشهد القائم حالياً، يظهر التباين الحادّ بين القوى الراعية للمجموعات العراقية، حيث النزعة الانفصالية قائمة بقوة لدى مجموعات مختلفة تمثّل الشمال والجنوب وحتى الوسط، وانتعاش حاد للعصبيات الطائفية والعرقية والمذهبية، ما ينعكس اختلالاً كبيراً في الطبيعة الديموغرافية للمدن والمناطق العراقية، وهو تباين يعكس احتداماً لمعارك القوى الخارجية حول ما يمكنها أن تحصّله من هذا البلد الواقع في مشكلات عدة، إذ إن الأميركيين الذين فشلوا في فرض مشروعهم السياسي أو الأمني أو حتى الاقتصادي على العراق، لا يأبهون لأن يتركوا العراق غارقاً في حروب دموية لا تبقي فيه شيئاً. وكل المفاوضات التي يجرونها اليوم داخل العراق وفي محيطه إنما تهدف إلى حماية القوات الأميركية الباقية، ولإبقاء التركيبة السياسية متأثرة إلى أبعد الحدود بالاحتلال الأميركي، فيما لا تبدو إيران في وضعية مفهومة من جانب قسم من العراقيين وقسم أكبر من العالم العربي، إذ إن طريقة إدارة إيران للملف العراقي الداخلي تظهرها طرفاً في الانقسام بين مجموعات ذات مصالح متنوعة، وليست طرفاً بين انقسام سياسي على أساس معاداة الاحتلال أو التعايش معه.
والمعضلة الإيرانية في العراق، من شأنها إذكاء مشروع الفتنة السنية ـــــ الشيعية التي يعمل عليها الأميركيون بقوة، ويساعدهم على تحقيقها دول مثل إسرائيل وجماعات متطرفة مثل التي تعتقد أن الفوضى الدائمة في العراق تتيح لها أرضاً خصبة للعمل السياسي أو الأمني أو خلافه. لذلك، فإن الجميع ينظر إلى الدور الإيراني بخصوصية، باعتبار أن إيران هي الدولة الأكثر تأثيراً الآن في المشهد العراقي. وهي التي بتحالفها مع تركيا وسوريا تصبح القادرة على إدارة الملف من كل جوانبه، فكيف ولها داخل العراق حلفاء وأصدقاء من غالبية شيعية وغالبية كردية وأقلية سنية.
من جانب آخر، تبدو المنطقة شاهدة على آخر حلقة من المسلسل المملّ الذي له عنوان «التسوية السلمية» والذي تندرج تحته جولات من التفاوض المباشر وغير المباشر بين إسرائيل وطرف فلسطيني لا يقوى على تحريك موظفين أو أمنيين إلا في اتجاه خدمة جيش الاحتلال. وبما أن العالم كله يعرف أنه ليس في إسرائيل من يقدر على ترك حق واحد من حقوق الفلسطينيين، فإن الطرف الفلسطيني المفاوض لا يملك أي نوع من الشرعية التي تتيح له القبول بأي عرض أو التنازل أو التقدم باقتراحات لا تحظى بالإجماع الفلسطيني، الأمر الذي يعني أن هذا الفصل سينتهي قريباً إلى فشل يقود إلى مرحلة جديدة من المواجهة المباشرة بين الشعب الفلسطيني وقوات الاحتلال، وهي المواجهة التي ستفتح حكماً المنطقة أمام خيار الحرب الواسعة، وخصوصاً مع التطور غير المسبوق على جبهة الصراع مع غزة من جهة، وعلى جبهة سوريا ولبنان من جهة ثانية.
بين فلسطين والعراق، يفترض باللبنانيين البحث عن وقت هادئ لصوغ موقف عمليّ يمنع الارتدادات السلبية، والاحتفاظ بأوراق القوة على اختلافها، لا التورّط في مشكلات تعكس استعداد جهات نافذة لتقديم أوراق اعتماد للجانب الأميركي، ولو على حساب مزيد من الدماء اللبنانية.

ليست هناك تعليقات: