
نعيم حنا - 12/06/2010م -

سمير جعجع: الأوهام،العقد النفسية... والإجرام
من غرائب الزمن أن تجد مجموعة رهنت نفسها لعدو أمتها و برأته من كل جرائمه و ذهبت إلى أبعد من ذلك بأنها ألصقت جرائمه بأبناء أمتهم و أصدروا الأحكام عليهم رغم معرفتهم أنهم أبرياء منها و من السخف ممن تراه يندب و يصرخ ليل و نهار و لا يترك وسيلة إعلامية إلا و هو يردد بأنه يريد حقيقة من قتل الحريري .
هذه المجموعة التي أسقطت من وجهها الحياء و باعت نفسها من أجل الحفاظ على كراسيها و هيمنتها على نهب مقدرات الدولة و الاستجداء على دم القتيل و يبيعون أنفسهم لمن يرسل لهم حقائب الأموال و تجسسوا على المقاومين من أبناء جلدتهم.
و لا تزال صفحات التاريخ تدون خزي و عار البعض منهم حين تعاملوا مع قوات الغزو الصهيوني و نفذوا ما طلب منهم من ارتكاب الجرائم منها مذبحة صبرا و شاتيلا .
ومن هذه المقدّمة افتح الباب على مسيرة سمير جعجع!
لا شك في أن سمير جعجع يتمتع بشخصية مثيرة تحضني على الإشمئزاز من البشرية التي احتضنتني وعلى تراب واحد معه وفي نفس الزمن الغادر.
فسمير جعجع من خارج دائرة الإقطاع السياسي التي حكمت الطوائف اللبنانية تقليدياً، وقد جاء صعوده كأحد أبرز ممثلي الطائفة المارونية في لبنان مخضباً بدماء منافسيه السياسيين من داخل تلك الطائفة نفسها. وارتبط اسمه بشكلٍ أو بآخر لا بالتصفيات التي قام بها في صفوف أعدائه الطائفيين من غير الموارنة فحسب، مثل رشيد كرامي، رئيس الوزراء اللبناني السني الأسبق، بل أساساً بمؤامرات ومجازر وتصفيات وحشية داخل الصف المسيحي الماروني نفسه، استهلها باغتيال طوني فرنجية وزير الاتصالات اللبناني الأسبق ابن رئيس الجمهورية الأسبق سليمان فرنجية، سليل عائلة فرنجية التي تتخذ من منطقة زغرتا في الشمال مقراً لها.
يحاول ما يسمَّى برئيس الهيئة التنفيذية للقوات اللبنانية منذ خروجه من السجن إظهار نفسه للمسيحيين بشكل خاصوالمسلمين بشكل عام بأنه صاحب تاريخ مشرِّف حافل بالنضال والتضحيات، وبأنه لم يكن دمويًّا على الإطلاق، وإنما ما ارتكبه من حماقات وجرائم ضد العديد من اللبنانيين على مختلف انتماءاتهم في تلك المرحلة كان دفاعًا عن الوجود المسيحي في لبنان، وإن كل ما فات قد ولَّى بالنسبة إليه وإلى غير رجعة.
بناءً على ما ذكر، لا بد من طرح الأسئلة التالية على بعض شركائنا في الوطن من المسيحيين والمسلمين المغرر بهم،والمخدوعين بظهوره الإعلامي المتكرِّر والمبرمج من قبل بعض الجهات المشبوهة والمعروفة للجميع، وذلك كي يدرك حجمه الطبيعي ألا وهي!
هل يستحق هذا الرجل المجرَّب أن يُمنح فرصة أخرى للزعامة، هو الذي تسبَّب في معظم مآسيكم؟ وهل إن المثل الشائع الذي ردَّده البطريرك الماروني في أحد لقاءاته الصحافية بأن من جرَّب المجرَّب كان عقله مخرَّب ليس دقيقًا ويبقى مثلاً؟ وهنا بالطبع تكون المصيبة أكبر.
هل تعلمون نتيجة تبنِّي مواقفه المتطرِّفة في هذا الظرف الدقيق الذي يتطلَّب المزيد من التكاتف بين أبناء الوطن الواحد لمواجهة شر التدخلات الخارجية؟
هل تصدقون خداعه ومحاولاته لنيل عطفكم ومساندتكم من جديد، وهو الذي ارتكب المجازر باسمكم؟
هل تعلمون أن ثقتكم به هذه المرة ستكون كلفتها أكثر بكثير ممَّا دفعتموه خلال تلك المرحلة الأليمة من تاريخكم؟ لا أعتقدأنكم ساذجين، أو حتى مجانين إلى هذه الدرجة، كي تصدقوه أو تأتمنوا له من جديد.
ألم تدفعوا أغلى الأثمان من جراء مغامراته وتصرفاته؟ لماذا هذه التبعية أذن؟ هل هو عامل الخوف والترهيب أم أنكم فعلاً مخدوعين؟
حقًا! مسكين هذا الرجل لأنه يعيش حالة انفصام في الشخصية، فمواقفه الهستيرية متأصلة في ذهنه حتى النخاع، وموروثة من زمن حروبه الدموية التي نصَّبته كغيره من المجرمين قائدًا لميليشيا ارتكبت جرائم حرب من الدرجة الأولى، وأرهبت اللبنانيين في ذاك الوقت وتسبَّبت في تدمير مؤسسات الدولة وأجهزتها، واقترفت أبشع الجرائم بحق المسيحيين بالدرجة الأولى تحت العديد من العناوين دونما حسيب أو رقيب، وعملت على إفقارهم وتشريدهم من بيوتهم وقراهم وحصرهم في بقعة جغرافية صغيرة معزولة عن بقية إخوانهم في الوطن، بينما كان انتشارهم الأوسع على الأراضي اللبنانية مقارنة ببقية الطوائف قبل بدء مغامراته التقسيمية التي خاضها تحت شعار الدفاع عن الوجود المسيحي!.
سئم اللبنانيون منه ومن لقاءاته الإعلامية: يومًا يظهر فيه مدافعًا عن حكومة فؤاد السنيورة وقراراتها والتزاماتها الدولية لتجويع الناس، ويومًا عن موقع رئاسة الحكومة السني وكأنَّه مكلفٌ من دار الفتوى ولا ينقصه إلا عمامة أحد رجالها ، ويومًا آخر مستهزئًا بموقع رئاسة الجمهورية ورئيس البلاد وبصلاحياته التي أعطاه إياها الدستور، ويومًا مشككًا بقائد الجيش وبقيادته وعقيدته، ويومًا مطلقًا المواقف الملتبسة باسم البطريرك الماروني وحتى باسم الكنيسة المارونية بأكملها، ويومًا مهاجمًا القيادات المسيحية الفاعلة على الأرض والأوسع تمثيلاً للمسيحيين الذين غدر بهم ونهب أرزاقهم وتقاسمها مع شركائه من قادة الميليشيات الأخرى، ويومًا عن السيادة التي لطالما تسبَّب في رهنها إلى اسرائيل
إنه بالفعل الإرث القذر الموروث من ذاك الزمن المشؤوم ! تصرفاته لم تعد تنطلي على أحد من اللبنانيين الساعين وراء لقمة العيش الشريفة، وينشدون الأمن والاستقرار والسلم الأهلي، وهذه الأمور بالطبع ليست متوفرة في عقله وقلبه. فلن يستطيع توريطهم والعبث بمستقبلهم من جديد!
من حق سمير جعجع، عفوا الدكتور سمير جعجع كما يحب من هم من حوله مناداته، بينما هو يحب أن يقال عنه " الحكيم"!! من حقه أن يعقد كل ساعة مؤتمرات صحفية وليس مؤتمرا واحدا، ومن الواجب منه ومن مؤيديه أن يفسحوا له المجال كي يتحدث ويحرك رقبته ويده ويتناول أي موضوع بمناسبة ومن غير مناسبة... نعم من حق جعجع أن يتحدث بكل ما يحلو له، وأن يتناول هذا وذاك، فهو العائد منتصرا على القوانين، وعلى دم أل كرامي وطائفة الشهيد، هو العائد ممتطيا جواده الأبيض بعد أن سلم العدو الصهيوني" 16 ألف مواطن لبناني من المسلمين ومنهم 7000 مواطن من منطقة عكار، ونحمد الرب لأننا في بلد يعلق النياشين لمن يسرقه ويقتل أبناء وطنه ويتعامل مع عدوه، ويغتال الشرفاء والمقاومين، ونضيء شمعة ونصلي للسيد المسيح وللنبي محمد لأن أغلب الزعماء في لبنان من ميليشيات الحرب الأهلية التي اغتصبت الوطن، ومنهم من يرتكب المجازر مبتسما راميا بعرض الكتب السماوية حتى يدخل نادي العظماء ...
من هنا نقول من حق جعجع العائد منتصرا على الأحكام الواجبة والحقيقية عليه، العائد ضاربا بعرض الحائط كل المسلمات الوطنية معتقداً أن العالم خارج سجنه قد توقف، والنساء في لبنان لم تعد تنجب وهو غائب، العائد مبررا كل أفعال إسرائيل ويعتبر أنها لا تعتدي على لبنان لولا وجود سلاح المقاومة، فهو لم يستطع التحكم بأهل الجنوب فخانهم وسلم أوراقهم إلى الصهاينة، من حقه أن يطل مع غسان بن جدو عبر الجزيرة ويبرر كل أفعال الصهاينة لأن وطننا لا يحاكم العملاء، من حقه أن يتحدث كما يتحدث أعضاء الكنيست الصهيونية لا بل لا نشك بأنه منهم وهو الذي يشتاق إليهم وإلى جلساتهم ما دام الخائن يصلى له ولا يحاسب، من حقه أن يتحدث ويقاتل ويتقاتل ولا يناقش بل يفرض رأيه، ويضحك لحظة قتلنا من قبل الصهاينة في 12 تموز، وأن يحدد إستراتيجية الأعداء من خلف البحار وداخل البيوت، وإن قال إن شقيقي عدوي فيجب تصديقه، من حقه أن يفرض علينا وجبة طعام واحدة في اليوم، وأن نتعذب كما تعذب في سويسرا وما أدراك ماذا حدث هناك بعد خروجه منتصرا من سجنه الانفرادي...هو المعذب الوحيد على الأرض، وهذه حقيقة لا ريب فيها، هو السجين النفسي وسجين عقدة تدمير لبنان والمناطق المسيحية التي بسببه دمرت بساعات وأصبحت بالفعل شريكة في الوطن، هو من طلب عدم تحويل ماء الشرب لأهل الأشرفية ورميها على الطرقات عقابا لهم يوم تقاتل مع العماد ميشال عون تحت حجة الإلغاء!!
نعم هو المعذب الوحيد فالنساء في لبنان أنجبن في غيبته العديد من المقاومين الشرفاء، وخرج من قلب المجتمع اللبناني السيد حسن نصرالله ليعلم كل الزعماء في لبنان الصدق والشفافية، ويشير إلى هذا العدو الحقيقي للوطن والأمة بينما كان هومستلقيا على سريره في سجنه يعد من قتل جراء رصاصات سلاحه الغادر، ويضع الصلبان على قبور شباب لبنان ممن استشهدوا بسبب حروبه وفيدراليته!!
نعم هو المعذب في المسيحية لأن الجنرال عون خرج من النور إلى نور كل الوطن، وفتح الأبواب التي يريد جعجع أن يغلقها أمام المسيحيين كي يبقى زعيما وقديسا في القتل!!
لذلك لا يحق لأين كان أن يطلب من الدكتور جعجع الحكيم الوحيد مراجعة ذاتية، فهو كما قال يوم خروجه من السجن أنه كان على حق، والدليل "كل من كان ضد مشروعي هو اليوم مع مشروعي"، لا بل سبقوه بمسافات كثيرة في زرع الفتن الطائفية والتقسيمية وأن اسرائيل لم تعد عدوة، أو ليست هي العدو!!
من المعيب أن نسأل هل هو يكره أو يحقد على لبنان، لكونه لم يحقق أي شيء من أحلامه السابقة ولن يحقق منها أي شيء لاحقا، فهو من قضى حياته أقل من ربع ربع طبيب، وربع ربع المسلح الميليشياوي ومن الخجل أن نقول ( المقاوم) ، وعريس من غيرشهر العسل، وزوج من غير ضنا، وسجين من غير بطولة، والآن السياسي من دون القرار، لذلك نبرر حقده على الرجال أمثال المقاومين الصادقين، وأمثال السيد حسن، والجنرال عون والرئيس بري، ولا يحق لنا أن ننتقده بل علينا أن نصلي له ونضئ شمعه على طول الزمن ليعود شابا فربما بعودته هذه يدرك أن الوطن للجميع، وأن هنالك شركاء فيه، وأن اسرائيل هي التي تحتل لبنان وتقتل أهله وبنيه!!!
فهو الذي أعلن في خطابه لجمهور القوات اللبنانية اعتذاره عن كل ما اقترفته يداه الآثمتين بحق العرب من مسلمون ومسيحيون خلال الحرب اللبنانية، وبظنه أن كل هم ذوو الضحايا أن يظفروا منه باعتذاره. وجهل أو تجاهل أو نسي أو تناسى أن ذوو الضحايا لن يشفى غليلهم إلا بالاقتصاص من الجناة مهما كانت مستوياتهم و أديانهم وفق ما تنص عليه القوانين والشرائع. وجوابهم كان على خطابه، أن الاعتذار يا سمير جعجع ليس هو وحده ما تبنى عليه المصالحات فقط. فالمصالحة تبدأ بالاعتراف بالذنب أو الخطأ، ومن ثم بتقديم الاعتذار وطلب الصفح ممن أخطأ أو أجرم بحقهم إن قبلوه ووجوده كافيا. وإلا وجب عليه وبكل شجاعة أن يضيف لاعتذاره وضعه رقبته وجيوبه تحت تصرف لجنة تحكيم أو محكمة ليسددا منهما للضحايا ثمن أخطائه وذنوبه وآثامه وجرائمه وتعدياته. ثم يعلن بعدها توبته بحيث تكون توبة نصوحاً، ويعتزل كل طريق دفعه أو جره لهذا الإثم سياسي كان أو اقتصادي أو مهني أو فني حتى لا يسيء لغيره. ومن بعدها يتوسل منهم العفو و الصفح.
عجيب كيف تستقيم الأمور عند سمير جعجع حين يتعامل مع الشعب اللبناني بازدواجية !!! وذلك حين يصر على محاكمة قتلة رئيس وزراء لبنان سابق في محكمة دولية، بينما يعتبر أن اعتذاره عن جريمته باغتياله لرئيس الوزراء الشهيد رشيد كرامي وهو على رأس مهمته، حكم عادل ومنصف وكاف منه لذوي الشهيد وجماهير شعبه. وإذا كان سمير جعجع يؤلمه أن تتهم القوات اللبنانية بكل شيء، فليتجرأ ويضع النقاط على الحروف، بسرده من موقعه كقائدها السابق والحالي لكافة أفعال وتجاوزات قواته حلوة كانت أم مرة، ودون خوف أو وجل مما قد تعرّضه وتعرّض عناصرها للمسائلة والمحاكمة والمحاسبة. ويصر جعجع أن يسيء للمسيحيين حين يقول بأنه سيحصد 80% من أصواتهم، علما بأن المسيحيين كالمسلمين ما صوتوا أو اقترعوا يوما ما لقاتل أو إرهابي ومجرم ينتهك الدستور والقانون. ولماذا يستقتل سمير جعجع لتحقيق المصالحة طالما أنه على قناعة تامة بأنه سيحصد غالبية الأصوات في أية عملية انتخابية قادمة ؟ ولماذا يبرر رفضه لتوسيع طاولة الحوار لأنها برأيه تتعارض مع أتفاق الدوحة، بينما هو الوحيد الذي أعترض على مقررات مؤتمر الدوحة، و لم يوقع على مقرراته إلا بعد أن ذيله باعتراضاته ؟أقر جعجع أثناء زيارته للقاهرة بأن لمصر ثقل على المستويين العربي والدولي. ونبهنا إلى أن من يشتغل بسياسة الشرق الأوسط (حسب تعبيره) عليه أن يدرك أنه لا يمكن تجاهل مصر أو الالتفاف حولها, صديقها كان أو عدوها. وجزم لنا بأنه ما من أحد يستطيع أن يتصرف أو يقوم بأي عمل بدونها أو بعزل عنها.ولفت انتباهنا إلى أن نظرة أنور السادات ومصر بعد الرئيس جمال عبد الناصر تتوافق ورؤيته الشخصية,وأن مواقف مصر برئاسة الرئيس محمد حسني مبارك منذ عام 2005 باتت هي نفس مواقفه ومواقف القوات اللبنانية وفريق 14آذار. وان موقفه وموقف حلفائه من القضية اللبنانية وكافة القضايا العربية والدولية متطابقة مع موقف مصر, حتى أنها نفس موقف مصر. وليهيج غرائزنا وشهواتنا ويشحذ هممنا لزيارة مصر، أعلمنا أنه حين يجلس مع الرئيس مبارك يشعر بأنه يجلس مع صديق ودود... ودود.... وزعيم كبير وحكيم وخبير ولديه مشاعر إنسانية رغم فارق السن. وكنا نتمنى أن تأتي هذه الشهادة بحق الرئيس محمد حسني مبارك من وطني وشريف لا ممن هو محكوم بحكم جنائي لجرائم قتل وجرائم وأعمال إرهابية أدين بها وخجلت أن تفعلها الفاشية أو النازية. وخرج من السجن بعفو رئاسي من الرئيس الكريم والنبيل والمحسن أميل لحود. و مع ذلك بقي جعجع يمتهن ويصر بالإساءة لمن أحسنوا إليه. مطبقا المثل الذي يقول: أتق شر من أحسنت إليه.
قال جعجع كي يشرح ويوضح لنا: أنه وباقي الزعماء في لبنان كانوا مقسمين ومنقسمين ومختلفين على تقاسم السلطة في لبنان طائفيا ومذهبيا. وهذه الأمور حلت مع اتفاق الطائف والذي لا يزال صالحا حيث لا يوجد حل غيره في الوقت الحاضر، بغض النظر كان أتفاق الطائف صالحا أم غير صالح، وبيَن لنا أنه من الحرام مس اتفاق الطائف لأنه مساً بلبنان. وحذرنا من أن أي حل آخر غير أتفاق الطائف هو برأيه قفزة كاملة بمجهول كامل إلى دنيا أخرى مجهولة ولم تكتشف بعد. فاتفاق الطائف بمنزلة الكتاب المقدس لدى سمير جعجع، ولكنه لم يغفل نخر أتفاق الطائف بمسلة، حين قال: أنه غير متيقن من صلاحه أو عدم صلاحه.
و جعجع يصر على أنه الممثل الحصري والشرعي والوحيد للمسيحيين.ويتحفنا جعجع بجوابه على احد الأسئلة بقوله: إذا كنا نريد الوحدة فيجب أن نتوحد حول ثوابت للمسيحيين وهذه الثوابت نجيبها من أدبيات الحلف الثلاثي أو الجبهة اللبنانية أو اجتماعات سيدة البير أو خلوات عوكر، وهذه كلها تتحدث عن الفيدرالية. ويضيف قائلا: المشكلة السياسية القائمة حاليا تختصر بنظرتين للأمور. نظرة 14 آذار والتي تقول بأنه حان الوقت لقيام دولة لبنانية فعلية، ووضع القرار الاستراتيجي في مؤسسات الدولة اللبنانية وليس خارجها. ونظرة يمثلها السيد حسن نصر الله الذي يرى أنه يجب أن تظل الأمور على ما هي عليه وأن يبقى قرار الاستراتيجي على ما هو عليه. وليتصور القارئ كم يفتقر كلام جعجع للصدق والمصداقية والحقيقة، فسمير جعجع هو احد رموز مشروع الشرق الأوسط الجديد، والصديق الصدوق لديك تشيني ورايس وفيلتمان. بينما السيد حسن نصر الله وباقي قوى المعارضة هم من أدرجوا في قوائم الإرهاب الأمريكية لأنهم ساهموا بإسقاط المشروع الأمريكي ومحاولاتها وضع لبنان تحت نظم الوصاية والاستعمار من جديد، ويقاومون لتحرير ما اغتصبته إسرائيل من أراض لبنانية ليكون لبنان حرا مستقلا. بينما هو كان واحد ممن رحب وهلل وكبر وأولم وطبل وزمر ولبس الجديد وكأنه في عيد لعدوان إسرائيل صيف عام 2006. وأنه هو من يطالب بضرورة إرسال قوات عربية وحتى قوات دولية إلى لبنان.
وحين سُؤل جعجع عن رؤيته للوضع في المنطقة، وجدها فرصة وسارع ليرعبنا ويرهبنا ويخيفنا بجوابه الذي قال فيه: الأوضاع خطيرة في المشرق العربي ودقيقة, ولكن ليس هذا معناه أننا ذاهبون غدا للحرب. ولكن الأوضاع ليست مستقرة. ويصر جعجع على أن لبنان سيكون أحد جبهات الحرب التي يتوقعها. وأن المنطقة العربية من الخليج إلى المتوسط غير مستقرة. وأن هناك احتمالات مواجهات صغيرة وتنتهي بمواجهات كبيرة. أو مواجهات كبرى تنتهي أو تخلف عنها مواجهات صغيرة. وكأنه يقول لنا عليكم بالرحيل والنزوح والهرب والهجرة إلى دول أخرى. ولو أن الأنظمة الأوروبية والإدارة الأمريكية الذين يتشددون في منح تأشيرات الدخول كانت تستمتع أو تصغي أو تعطي أدنى اهتمام لما يتفوه به جعجع لسلموه إنذاراً بأن يحصر دوره بمستمع وأبكم فقط لأن ذلك لهم وله أفضل. ويصر جعجع على أن يبوح لنا بسر خطير، فحواه أنه لا يعرف كغيره بالتكتيكات الحربية التي كل شيء فيها ممكن. ويتابع جعجع حديثه قائلا: أنه بعد أن حلت السلطة القائمة حزب القوات ووضعته في السجن أنكب على مراجعة كل ما حدث بالحرب فوجد أن بعض القرارات التي أتخذها وقيادة القوات أثناء الحرب لم تكن صائبة وأن بعض التصرفات أو الممارسات لم تكن مقبولة ولم تكن بقرارات قيادية وإنما كانت مخالفات فردية وأدت لأذى وضرر الناس، ونعتذر للناس الذين لحق بهم حيف وضرر. وأنه يترك لرفاقه كامل الحرية ليعودوا إلى ضميرهم وتقييمهم للأمور وحريتهم في تقديم الاعتذار. وأن اعتذاره يجب أن يساهم في المصالحة. وحين سئل عن الجيش اللبناني أجاب: الجيش اللبناني ليس عنده إمكانية لتحرير القدس. وليس هنالك توازن إستراتيجي بين الجيش اللبناني والجيش الإسرائيلي. والجيش اللبناني ضرورة أساسية لوجود لبنان الدولة ولأمن الشعب اللبناني. وأن للجيش اللبناني دور معين يلعبه بدور مختلف وليس فقط بدور عسكري مادي. فمثلا بالمواجهة مع إسرائيل العلاقات اللبنانية الدولية والإقليمية هي التي تلعب الدور السياسي ودور الجيش سيكون مساند. بينما في موضوع مثل نهر البارد دور الجيش سيكون أساسي ودور الدولة اللبنانية سيكون مساند. وهذا ليس بسر فهو ما يعرفه القاصي والداني وتعرفه كل من إسرائيل والإدارة الأمريكية. وليطمئننا عاد فأكد:بأنه لو وجهت له دعوة لزيارة طهران فهو سيعد للمائة ولن يلبيها. أما زيارته لسوريا فهي ممكنة وسينظر بشأنها وقد يوافق عليها إذا حلت سوريا كافة المشاكل العالقة مع لبنان. ولكنه يعود ليحذرنا لنأخذ جانب الحيطة والحذر فيؤكد لنا بأن الأوضاع لم تعد كما كانت العام 2006 أو العام 2005. والحذر مطلوب وواجب.هذا هو سمير جعجع مع كل تقلباته الفكرية الناتجة عن عقد نفسية تفشّت في روحه مع إعدام حلمه بالإمارة المسيحية. عقد نفسية جعلت منه موتور مجنون يرتكب الجرائم شمالاً ويميناً إلى حد انه سيفشل إن حاول إحصاءها.... لأن عددها يفوق عدد الأرقام التي تعلمها في ظل الميليشيات والتقسيمات والأحلام والأوهام ونرسيسيته التي تحوّلت عقدة عنده تلخصت بعقدة عون وعقدة الجيش وعقدة السلطة وعقدة انه مجرّد من حقوقه المدنية والوطنية. إنه مسخ العمالة والإنقلاب على الثوابت الوطنية. إنه شخص يكتنز في نفسه كل الخصال إلا الإنسانية والبشرية منها. وكتلخيص لما هو.... هو قاتل بدم بارد.
من يردع هذا القاتل؟ من يحاسب هذا المجرم المائل والجاثم كما هو، لا يجرؤ على اللجوء الى القضاء من أجل تصحيح حكم الإدانة الصادر بحقه لإنه يفتقر للدليل والبرهان على براءته؟ من يلجم القاتل ويرده عن الضحية التي لازال يغتالها كل يوم تحت عنوان الواجب الوطني؟ من يحاسب من يحاول تقليب المسيحيين على المسلمين؟ من يداوي أكبر المعقدين نفسياً في تاريخ البشرية؟ من يضع حدّاً لقاتل مأجور امتهن الفتن والإغتيالات؟ من يصلي عن روح هكذا مجرم نكّل بالإكليروس؟ فهو يوم يموت لن يجد من يصلي عن روحه لا من المسيحيين ولا من المسلمين.... والملفت ان روحه لن تجد وقت لمواجهة ربّها... لأنها روح من دون رب... وإنما شيطان يسيّرها كما يشتهي دون أي ممانعة منها... أنه بالفعل يجسّد بئس المصير للبشرية إن لم يوضع حدّ لكل آماله واحلامه وأهدافه لأن وسيلة تحقيقها ليست سوى ممراً إلزامياً مكللاً بالدماء والأرواح المفتوكة.
إنه سمير جعجع...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق