

الــدور الذي لعبــه الرئيس المنتهيه ولايته .. في تجويــع وحصار أبنــاء غــزّة
نفاق عباس في الموقف من الحصار
كتب المحرر السياسي للوكالة : 2010.6.19 م
بعد لقائه بجورج ميتشل ضمن دوامة التفاوض البائس التي لم يجد في مذبحة أسطول الحرية ما يدعو لتعليقها ، وزع السيد محمود عباس رئيس الفلسطينية بيانا يقول فيه إنه طالب الموفد الرئاسي الأميركي بفك الحصار عن قطاع غزة بصورة نهائية .
يجد العديد من الخبراء الأجانب و العرب أن السلطة الفلسطينية تحولت ببساطة في السنوات الأخيرة بعد اغتيال ياسر عرفات و منذ انتخاب عباس ، إلى جهاز وظيفي يشتغل في خدمة السياسة الأميركية لقاء حصوله على الأموال من بعض الدول العربية و من الولايات المتحدة و لقاء هذه الأموال التي تحول إليه عن طريق البنوك الإسرائيلية و بموافقة سياسية إسرائيلية مشروطة ، يؤدي عباس و فريقه السياسي و الأمني سلسلة من الخدمات لكل من الولايات المتحدة و إسرائيل ..
عباس عائد لتوه من واشنطن حيث التقى الرئيس باراك أوباما و تلقى إيصالا يخوله قبض 400 مليون دولار لقاء مواصلة التفاوض في الطريق المسدود الذي يديره ميتشل لإبقاء محفزات الصورة السياسية الأميركية في المنطقة ، كما كان تلقى 150 مليون دولار عند انطلاق هذه المفاوضات التي تجري بشروط نتنياهو و ليبرمان بدون مرجعية و من غير أفق سياسي لأي تقدم ، فالتقدم الوحيد المتاح هو المزيد من البناء الاستيطاني الصهيوني و جولات جديدة من التطهير العرقي داخل فلسطين المحتلة عام 48 و على أرض الضفة الغربية المحتلة .
نتنياهو أعلن في وقت سابق ان كلا من السلطة الفلسطينية و الحكم المصري قد طلبا من إسرائيل بإلحاح و تصميم عدم فك الحصار عن قطاع غزة ، ويقينا فإن عباس كرس جانبا من لقائه بالرئيس الأميركي لإقناعه بما يجد فيه خطرا داهما من نتائج فك الحصار ، و قد سبق لأكثر من وزير إسرائيلي ان أكدوا ما هو معروف لدى جميع المتابعين عن شراكة السلطة الفلسطينية و الحكومة المصرية في محاصرة غزة و في مقدمة التحالف الدولي و العربي الذي قادته الولايات المتحدة لخنق القطاع بعد فشل حرب الإبادة الإسرائيلية التي شنت عليه .
عباس يصدر بيانه على هذا النحو بالتفاهم مع إسرائيل و الإدارة الأميركية فهو من جهة يمارس نفاقا و دجلا ميزا لغته السياسية في مخاطبة الشعب الفلسطيني ، الذي ضاق ذرعا بخطبه المكرسة لمهاجمة خيار المقاومة بينما هم يجدونه متسولا على أعتاب الإسرائيليين الذين يديرون الظهر لكل الاتفاقيات و المرجعيات التي تشدقت بها جوقة أوسلو من عشرين عاما .
و من جهة ثانية يريد عباس تغطية طلبه الفعلي لإبقاء الحصار بكلام مناقض و مصدر خوفه المتزايد هو أن حصار غزة فشل في كسر إرادة الشعب الفلسطيني و هو بني على أساس افتراض إمكانية عزل المقاومة في القطاع عن الناس و تأليب الشارع على المقاومة بإظهار مأساة الحصار المتفاقمة كنتيجة مباشرة لالتفاف الغزوايين حول مقاومتهم المسلحة التي منعت حرب الإبادة من تحقيق أهدافها .
فشل الحصار في كسر الإرادة الشعبية الفلسطينية داخل القطاع و فشل الحصار في منع حماس و فصائل المقاومة من تطوير قدراتها الدفاعية و مراكمة المزيد من مقومات الردع الصاروخي و فشل الحصار في وقف حصول المقاومة بوسائلها الخاصة على السلاح و التقنيات و المال طيلة حوالي أربع سنوات و آخر الفصول تسرب تقارير للمخابرات المصرية عن نجاح المقاومة في اختراق الجدار الفولاذي المصري أدت لقرار أميركي بوقف التمويل نقله إلى الرئيس المصري ، نائب الرئيس الأميركي جو بايدن في زيارته الأخيرة لمصر ، و فوق ذلك كله فشل الحصار في كسر إرادة حماس السياسية و قد سعى محمود عباس طويلا للي ذراعها عبر الحصار لإكراهها على تقديم تنازلات سياسية لكنها خاضت التفاوض محصنة بموقف شعبي صلب يرفض المساومة على ثوابت الحد الأدنى .
عباس يريد اليوم ان يستمر الحصار و إذا أرغمت الولايات المتحدة و إسرائيل على فكه فهو يفضل ان يتم تدريجيا و بآلية تتيح له وضع اليد على الأموال و الهبات التي سوف تتدفق تحت عنوان مساعدات الإعمار و مقابل خدماته الأمنية لإسرائيل داخل القطاع و على معابره فهي فرصة مناسبة لتوسيع نطاق دوره الوظيفي لدى واشنطن و تل أبيب ، لكن ما يقض مضجع عباس هو خطر اضطرار الولايات المتحدة و إسرائيل إلى خطوات مفاجئة و سريعة تحت ضغط التحركات المتصاعدة لفك الحصار و في ضوء التحول التركي و بحيث سيكون الأمر انتصارا ناجزا لحماس و للمقاومة ، لا سيما أن عباس و سلام فياض و محمد دحلان ليسوا مطمئنين للأجوبة الباردة التي سمعوها من بعض العواصم الأوروبية و من واشنطن عن الحوارات التي انطلقت مع قيادة حماس في دمشق و الدوحة و الخارج .

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق