Powered By Blogger

الأحد، 29 أغسطس 2010

كلفة الخضوع لأميركا؟!

Bookmark and Share

 متى يستيقظ التائمون ؟!

ومتى ينهض المنبطحون ؟!
ومتى يهب الأحرار الصامتون ؟!
كلفة الخضوع لأميركا؟!

















سليمان تقي الدين
دخلت إيران إلى النادي النووي عنوة،
 مثلما دخلت من قبل الهند وباكستان وكوريا الشمالية،
 وقبل ذلك روسيا والصين. اكتساب التكنولوجيا هو الأهم،
 أما القنبلة النووية فذاك شأن آخر.
 ما تزال إيران في منتصف الطريق لفرض الاعتراف الدولي
 بدورها الإقليمي الطموح.
القوى الدولية جميعها تعترف

 بأهمية الدور الإيراني في وسط آسيا من زوايا مختلفة.
 الأميركيون أنفسهم تعاملوا بواقعية ميدانياً معه في أفغانستان والعراق.
 لكن أن تتحوّل إيران
إلى محور قيادي لنظام إقليمي خاصة في الخليج فذاك
هو أساس الصراع.
لا يرتاح الغرب طبعاً لوجود دولة قوية اقتصادياً وعسكرياً

 وتحمل مشروعاً سياسياً مشحوناً بإيديولوجيا
 تخترق حدود الدول والكيانات وتستقطب حركات سياسية
 مناهضة للنظام الرسمي. يتوجّس الغرب اليوم من الدور التركي
 برغم سياسة تركيا الواقعية والتوازن الذي تحاول المشاركة فيه
 من حساب إيران ومن حساب النظام الرسمي العربي المنكفئ.
 لكن الغرب يقيس شؤون المنطقة من زاوية مصالحه النفطية
 وأمن إسرائيل ودورها، ومن زاوية التوازن الاستراتيجي في آسيا.
الأصل في استراتيجية الغرب هو بناء نظام إقليمي متكامل يسيط
ر عليه بقطع النظر عن تفاصيل هذا النظام.
 «الشرق الأوسط» الكبير أو الجديد لا يستثني
 أية دولة طالما هي تخضع وتتعامل إيجاباً مع مصالح الغرب.
بعد أن فكّك الغرب الإمبراطورية العثمانية وأنشأ الكيانات
 المجزأة دعم الإنكليز مشروع الجامعة العربية،
 وبعدها مشروع مملكة هاشمية أو وحدة مشرقية يرجح فيها نفوذهم.
بينما طرح الأميركيون حلف بغداد كمنظومة سياسية لمواجهة

 تيار القومية العربية. في المشروع الاستعماري
 التفكيك والتركيب عملية واحدة. التفكيك يستهدف عناصر القوة
 والتركيب يستهدف تجميع الحلفاء.
 يدعم الغرب العصبيات الطائفية والإقليمية والقطرية
حين يناسبه ذلك كما فعل في لبنان والأردن،
وهو يدعم في ظرف آخر الخيار الأردني
 لاستيعاب المسألة الفلسطينية. يذهب بالعراق إلى التفكيك
 ويسعى إلى إقامة السلطة المركزية حين يكون ذلك في مصلحته.
 دعم الوحدة اليمنية حين كان ذلك تصفية للنظام «الشاذ»
في الجنوب، ويدعم تفكيك وتركيب اليمن مجدداً طالما
أن ما يجري هناك تحت سقف مصالحه السياسية،
 ولا سيما الأمن في الخليج والقرن الأفريقي.
منذ نصف قرن يدعم الغرب «الوطنيات»

أو السياسات القطرية العربية لإخراج قضية فلسطين
 من موقعها العربي كمحرّك أساسي في مواجهة الهيمنة الاستعمارية.
 نجح الغرب في نشر هذه الثقافة السياسية،
وفي تطويع النظام الرسمي العربي
على مقولة النزاع الفلسطيني الإسرائيلي.
 تحوّلت المسألة الفلسطينية
واقعياً إلى نزاع حدودي مشترك بين العرب وإسرائيل.
 مطلوب من العرب اليوم أن يجدوا حلاً لكيان فلسطين
بين مصر (غزة) والأردن (الضفة الغربية)
وباقي دول الجوار لاحتواء الشتات وتوطين اللاجئين.
ينظر الغرب إلى المنطقة كوحدة سياسية أمنية اقتصادية
وتتصرف القوى السياسية هنا وفق حسابات فئوية ومحلية.
 يرتاح الغرب اليوم أنه يدير نزاعات وأزمات المنطقة
 كلها وفق حسابات استراتيجية شاملة ويغرق النظام العربي
 في ردود فعل جزئية. هنا معركة تشكيل حكومة عراقية،
 وهناك معركة رفض التوطين، وفي فلسطين وقف الاستيطان
 الذي لم يعد مسموعاً في إملاءات أميركا بإطلاق
مفاوضات مباشرة دون مرجعية.
بالفعل تعثّر المشروع الأميركي في فرض نظام إقليمي مستقر

 حتى الآن، لكن الوجه الآخر من الصورة هي أن العرب
لا يملكون قرارهم في العراق،
ولا يسيطرون على أزمة لبنان المدوّلة،
 ولا يقدرون على المشاركة الفاعلة في دعم شعب فلسطين
 لمواجهة إملاءات إسرائيل،
ولا يساهمون في صياغة أمن الخليج الذي تتنازعه أميركا وإيران.
ما هو خطير الآن ليس فرض الشروط الإسرائيلية

على المفاوض الفلسطيني على حساب الحقوق الوطنية الثابتة،
 بل تحميل العرب مسؤولية
 هذا الحل في صياغة العلاقة الأردنية الفلسطينية والمصرية واللبنانية.
 هذا التسليم العربي بالدور الأميركي في صياغة
نظام المنطقة يجعل مصالح العرب الضحية الكبرى،
وأمنهم في مهب الريح،
 بينما يقتطع الإسرائيلي والإيراني والتركي
 حصة متفاوتة من هذا النظام.
منذ نصف قرن واللبنانيون

 يدفعون ثمن وهم وطنيتهم المستقلة عن تفاعلات المنطقة.
 لم يخوضوا الحرب العربية مع إسرائيل
 فاضطروا إلى خوضها منفردين.
ناهض قسم من اللبنانيين الوجود الفلسطيني

 خوفاً من التوطين الذي يخل بالتوازن الديموغرافي
 فإذا بهم مع الفلسطينيين ضحية هذا المشروع مجدداً.
 سعى قسم منهم إلى «الحياد»
 طلباً للأمن والاستقرار والازدهار الاقتصادي
فورّط البلد في نزاعات جعلته تحت وصاية عربية
ودولية وهي اليوم تضعه تحت انتداب قرارات الأمم المتحدة.
 لم يدرك هذا الفريق من اللبنانيين،
ومثله عرب كثيرون، أن كلفة المواجهة أقل من كلفة الخضوع.
 يُقلق هذا البعض سلاح المقاومة بينما هو العنصر الوحيد
الذي يجعل لبنان طرفاً فاعلاً في أي تسوية محتملة أو أي حرب ممكنة.
لن يكون لبنان في كل الظروف

 مرجحاً لأي من الخيارات الكبرى،
 لكنه يستطيع أن يدافع عن الحد الأدنى من مصالحه ودوره
إذا ما انتهج سياسة التعاون والتضامن مع شركائه الطبيعيين
 لوقف الإملاءات الغربية والإسرائيلية.
أمام هذا المشهد الإقليمي الحافل بالمتغيّرات من العراق

 إلى فلسطين، تبدو السياسة اللبنانية
بكل ملفاتها خارج الزمن بالنسبة لمصير لبنان
 والمنطقة. فهل ينتبه اللبنانيون إلى ذلك!؟

ليست هناك تعليقات: