
محيط - جهان مصطفى
القذافى خلال زيارته الأخيرة لإيطاليا |
ولعل ما حدث في الزيارة الأخيرة التي قام بها في 29 أغسطس / آب يدعم صحة ما سبق ، فقد حطت طائرته في مطار روما بتأخير ساعة ونصف الساعة عن الموعد المقرر ، كما أنه وصل إيطاليا بعد تأجيل الزيارة عن موعدها أكثر من مرتين .
ورغم أن تلك الزيارة هي الرابعة للقذافي إلى إيطاليا منذ عام 2008 عندما تم توقيع معاهدة الصداقة الليبية الايطالية والتي أنهت خلافا بين البلدين بشأن الحقبة الاستعمارية ووافقت إيطاليا بموجبها على دفع خمسة مليارات دولار تعويضا عن فترة الاحتلال الإيطالي لليبيا أوائل القرن الماضي ، إلا أن الجدل الذي صاحب زياراته السابقة لم يغب هذه المرة أيضا ، حيث ركزت الصحافة الإيطالية على الخيمة التي يقيم فيها الزعيم الليبي وكذلك على الثلاثين حصانا التي أتى بها معه لتشارك في عرض للفروسية.
كما تساءلت الصحافة الإيطالية عما إذا كان القذافي ينوي تكرار ما فعله في زيارته السابقة عندما دعيت مائتا امرأة من حسناوات ايطاليا لسماع آرائه عن ليبيا ودور المرأة في الإسلام .
ومع أن القذافي نصب خيمته خلال الزيارة الأخيرة في حديقة مقر إقامة السفير الليبي في روما وليس في متنزه "لفيلا بامفيلي" كما فعل في حزيران/ يونيو 2009 وهو الأمر الذي أثار حينها غضبا بين الإيطاليين ، إلا أن الزعيم الليبي صمم خلال الزيارة على تدشين معرض للصور حول تاريخ العلاقات الليبية الإيطالية وضمنها الفترة الاستعمارية لكي تعرف الأجيال الجديدة ما عاناه الليبيون على يد الاستعمار .
ذعر من التغلغل الليبي
القذافى وبيرلسكونى |
كما انتقد سياسيون من حزب رابطة الشمال أحد أركان ائتلاف بيرلسكوني الاستثمار الليبي ودعوا الهيئة الوطنية لمراقبة الأسواق المالية إلى التحقيق في تلك الاستثمارات ، هذا بالإضافة لانتقاد المعارضة لبيرلسكوني لعلاقاته الوثيقة مع القذافي وغض الطرف عما أسمته انتهاكات حقوق الإنسان مقابل موافقة ليبيا على استرجاع المهاجرين غير الشرعيين الذين يبحرون إلى ايطاليا من موانئها.
ورغم الانتقادات السابقة إلا أن سجل ليبيا الاستثماري مازال يحظى بدعم وتأييد رجال الأعمال في إيطاليا بل إن ليبيا تملك أيضا حصصا في شركة النفط "إيني" وأبدت رغبتها خلال زيارة القذافي الأخيرة في الاستثمار بالشركة النفطية "إينيل".
ولعل ما ضاعف أيضا من القلق تجاه التغلغل الليبي في الاقتصاد الإيطالي هو أن مدير عام مجموعة "إيني" النفطية باولو سكاروني وصف ليبيا بأنها "درة تاج" تلك المجموعة الإيطالية.
هذا بجانب أن إيطاليا التي أصبحت أكبر شريك تجاري لليبيا وعلى الأخص في استيراد النفط والغاز تجد نفسها مضطرة للرضوخ لما يطلبه القذافي بالنظر إلى أزمة منطقة اليورو وحاجتها الماسة للاستثمار في سوق النفط الليبي الواعد .
وكانت اتفاقية الصداقة نصت على استثمار ايطاليا 5 مليارات يورو في ليبيا كتعويض عن فترة استعمارها لهذا البلد منها ثلاثة مليارات يورو لشق طريق سريع بطول 1700 كلم في ليبيا وتتنافس على المشروع 20 شركة إيطالية .
اعتناق الإسلام
الايطاليات وهن يتوافدن على المحاضرة |
فما أن وصل إلى إيطاليا العام الماضي ، إلا وقامت وكالة "هوستس ويب" الايطالية للتوظيف بنشر إعلان جاء فيه "مطلوب 500 فتاة جذابة ومرحة تتراوح أعمارهن بين 18 و35 عاما وأن تكن طوال القامة حيث لا يقل الطول عن 170 سنتيمترا ويتمتعن بحسن المظهر مع الابتعاد عن ارتداء الملابس القصيرة والثياب مفتوحة الصدر ".
وتابعت الصحيفة " وحضرت نحو 200 امرأة في فيلا بروما بعد أن أبلغن بأنهن سيحصلن على 60 يورو وبعض الهدايا الليبية ".
ورغم أن غالبية المشاركات توقعن حضور احتفال أو أمسية خاصة لكن بدلا من ذلك طلب منهن الانتظار في قاعة ضخمة بأحد الأحياء الفخمة في روما وبعد ساعة من الانتظار فوجئن بوصول الزعيم الليبي الذي حاضر أمامهن نحو ساعتين عن ليبيا وفضائل الدين الإسلامي ودور النساء فيه وانتهى إلى دعوتهن لاعتناق الإسلام .
ومع أن التصرف السابق أثار غضب الإيطاليين ، إلا أن القذافي لم يتراجع بل ونجح خلال زيارته الأخيرة في 29 أغسطس في تحقيق إنجاز كبير في هذا الصدد ، فقد شوهدت نحو 500 من حسناوات إيطاليا العاملات في وكالات "الموضة" يتوافدن على مقر إقامة السفير الليبي حيث ألقى القذافي محاضرة عن الإسلام و "الكتاب الأخضر" الذي ألفه وقام بعد ذلك بتوزيع مئات من نسخ "القرآن الكريم" عليهن ، وما أن انتهى من المحاضرة ، إلا وفوجيء الحضور بثلاث شابات ، اثنتان إيطاليتان وواحدة إسبانية، يشهرن إسلامهن أمام الزعيم الليبي .
ونقلت وسائل الإعلام الإيطالية عن إحدى الحاضرات وتدعى ميشيلا قولها في هذا الصدد :" إن ثلاثا من المشاركات تحولن للإسلام على الفور ، لقاء القذافي كان جميلا وسار بشكل جيد ، إنه سهل المراس للغاية وقدم لنا نسخا من القرآن الكريم وقد تحولت ثلاث فتيات للإسلام أثناء اللقاء ، لقد كان حدثا جميلا".
ولم يقف الأمر عند ما سبق ، بل إن القذافي دعا خلال محاضرته أيضا إلى جعل الإسلام ديانة أوروبا كلها ، مما أثار استياء نائبة رئيس مجلس النواب الإيطالي روزا بيندي التي زعمت أن الحديث الذي تناوله الزعيم الليبي خلال المحاضرة ليس إلا "إهانة" لكرامة المرأة الإيطالية ، مشيرة إلى أنه لم يجدر بحكومة سليفيو بيرلسكوني منح منصة "لشخص يرمي إلى الحديث محاطا بنساء جميلات بهدف الدعاية".
تركيع الايطاليين
القذافي وبصحبته نجل عمر المختار |
وعلقت صحيفة " الإندبندنت " البريطانية على التصرف السابق قائلة : "القذافي الجامح يستفز إيطاليا في أول زيارة لروما منذ 40 عاما ، الصورة تظهر اعتقال قوات الاستعمار الإيطالي لزعيم المسلحين الليبيين عمر المختار".
وواصل القذافي استفزازه للإيطاليين عندما أكد أن الأمر مقصودا ، حيث دافع عن قراره وضع صورة اعتقال عمر المختار على بزته العسكرية عند وصوله إلى روما ، قائلا في مؤتمر صحفي مشترك جمعه برئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو بيرلسكوني :"إن الليبيين يرون شنق عمر المختار مماثلا لصلب المسيح بالنسبة للمسيحيين ، هم (المسيحيون) يحملون الصليب على صدورهم".
وأضاف أن صورة قائد المقاومة الليبية التي على صدره بمثابة "رمز" إلى كارثة إعدامه شنقاً خلال الحقبة الاستعمارية الإيطالية من وجهة النظر الليبية ، قائلا :" إيطاليا اليوم لم تعد الدولة التي كانت عليها، لأنها أدانت الممارسات الاستعمارية، واعتذرت عما سلف، وهذا ما دعاني للقيام بزيارتي تلك ".
ولم يكتف القذافي بما سبق ، بل إنه اصطحب معه خلال أول زيارة له لإيطاليا قبل عام ونصف محمد عمر المختار ، وعلقت " الإندبندنت " على هذا الأمر أيضا قائلة :" إن نجل عمر المختار المسن معتل الصحة والذي وجد صعوبة كبيرة في النزول من على سلم الطائرة وقف خلف القذافي بثوبه العربي الأبيض وكان واحدا من بين وفد من 300 شخص يرافقون الزعيم الليبي".
والخلاصة أنه رغم قيام إيطاليا في 2008 بتقديم اعتذار رسمي لليبيا وخمسة مليارات دولار كتعويض عن التجاوزات التي ارتكبت خلال حكمها الاستعماري بين عامي 1911 و1943 ، إلا أن ما سبق يبدو أنه لم يقنع القذافي حيث بدا في زياراته لروما وكأنه يحاول الانتقام والثأر لكرامة الليبيين .
صور الإيطاليات اللاتي شاركن بالمحاضرة
الايطاليات وهن يتوافدن على المحاضرة |
إيطاليتان أشهرن إسلامهن |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق