منذ الانقلاب الذي نفذته الإدارة الأميركية على المبادرة السورية ـ السعودية بدا واضحا أن رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري بات تحت سلطة القرار الأميركي بمنع أي تسوية في لبنان. موقف الحريري الرافض لعقد جلسة مجلس الوزراء عشية استقالة وزراء المعارضة والوزير السيد حسين، كان ترجمة لتعليمات أميركية، وشروط الحريري التي أبلغت لوزيري خارجية قطر وتركيا خلال اليومين الماضيين والتي استهدفت إحباط مساعيهما كانت تنفيذا لطلب أميركي وكذلك تصريحات سعود الفيصل وزير الخارجية السعودية الذي أعلن الانسحاب السعودي من مساعي الحل بالتزامن مع تأكيد بن جاسم وأوغلو أنهما يستندان إلى مضمون تفاهم الرياض بين الملك عبدالله بن عبد العزيز والرئيس بشار الأسد، هذه التصريحات جاءت تحت الطلب الأميركي لنسف التحرك القطري ـ التركي خصوصا بما تضمنته من تبشير بحرب أهلية في لبنان وتقسيم لبنان والغريب أن يستعمل الفيصل تعابير مستعارة لا تناسب الواقع اللبناني في حديثه عن الأبعاد العرقية لعملية تقسيم لبنان التي تنبأ بها. وفقا لجميع الخبراء والمحللين قررت واشنطن منع سائر المبادرات من الإقلاع لتتولى التفاوض بنفسها مع سورية حول الوضع اللبناني والتسوية السياسية الممكنة داخل هذا البلد. يريد الأميركيون أن يكون لبنان ورقة يستخدمونها على طاولة المفاوضات مع سورية ومع إيران حول ملفات المنطقة ومن الواضح أنهم يضعون في السلة مصالحهم العراقية وسائر القضايا التي يعتبرونها أولويات تأتي في مقدمتها مصالح إسرائيل، وما يلمح الأميركيون إلى أنه هدف حاسم في المفاوضات التي يحضرون لها عبر سد طرق التسويات، محاولة التوصل إلى ضمانات والتزامات سورية وإيرانية ولبنانية وفلسطينية تتعلق بعدم المبادرة إلى أعمال هجومية ضد إسرائيل. و قد نقلت تقارير صحافية من واشنطن ان تقدير الموقف الأميركي حول أوضاع المنطقة يقوم على اعتبار حزب الله قوة متعاظمة تشكل تهديدا استراتيجيا لإسرائيل وعلى الخشية المستمرة من قيام كتلة قوى المقاومة بعمل هجومي قد يبدأ في أي من جبهات الصراع مع إسرائيل في حين أن هذه الكتلة تشكل حسب التقارير الأميركية قوة لاجمة لجميع الجهات العربية الدائرة في الفلك الأميركي وقد خص الأميركيون في تقديرهم ما وصفوه بخوف محمود عباس من تبعات توقيع أي اتفاق مع إسرائيل في الظروف الحاضرة بفعل ما يتوقعه من ردود و خطوات قد يعلنها كل من حزب الله وسورية بشكل خاص وما قد ترتبه من إجراءات تقلب المعادلة السياسية الفلسطينية. بعد إفشال المبادرات في لبنان تقف المعارضة في مجابهة مباشرة مع إدارة أوباما التي حركت القرار الظني على جناح السرعة وعطلت جميع المساعي العربية بينما تراهن على المزيد من الضغوط الداخلية بواسطة سعد الحريري وحلفائه في 14 آذار. المواجهة بدأت وسوف تتخذ أشكالا عديدة سياسية ودستورية وميدانية ويأمل السواد الأعظم من اللبنانيين أن تمر بأشكال سلمية بينما ترى مصادر قيادية في المعارضة أن مؤامرة التقسيم والفتنة سوف تقبر في مهدها بشتى الوسائل ومعها مؤامرة استعمال المحكمة الدولية وقرارها الظني لأن خطة التصدي لهاتين المؤامرتين وضعت منذ أشهر وجرى فيها التحسب لجميع الاحتمالات. |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق